سُلطة مشيخة الفِرَق الضالة
قد قيل: “من تمَنطق فقد تزندق”
فبعضهم يريدونك أن لا تستخدم المنطق وأن تُغلق عقلك وأن لا تفكر وأن تقول سمعًا وطاعة لتأويلهم وإن كانت ضالة، وأن لا تعتقد أنك تملك عقل موهوب يمكنه الاستنباط.
بل يريدونك وضيع خاضع تُطبق ما يقولونه وما يملونه عليك بما نقلوه وفسروه بعقولهم المتحجرة، وليس حسب ما يعنيه المعنى.
بل حسب ما يتماشى مع هواهم وثقافاتهم.
إياك أن تُفكر أو تتساءل.
اصمت ولا تناقش، فهم أفضل منك رتبة، بل هم أقرب إليه منك. البسهم لباس القدسية، فأنت لا شيء.
هم يملكون مفاتيح النجاة، ونقاشك سيدخلك نار الهلاك. هذا ما علموك إياه.
عشه بجهل ومت دفاعًا عنه.
فهم يعلمون ما لا تعلم! ماذا يوجد في رأسك؟ دماغ؟ لا تستخدمه، فهو مهلك. اتبع ما نقوله نحن، لأننا نملك الحقيقة المطلقة. هل لديك شك في ذلك؟ إن كان لديك فستُنبذ من القطيع، فالقطيع لا يتبع الحقيقة بل يتبع الراعي. ومن هم الرعاة؟ هم هم؟ أعرَفتهم أم لم تعرفهم؟
هم هُم، أولئك أعرَفتهم؟ من يدّعون المشيخة؟ لا؟
صحيح، فيجب عليك أن لا تستخدم عقلك. لا بأس، فلا مكان للتساؤل، عليك أن تُطبق ما يُقال وإن لم يكن يدركه العقل، فماذا عليك أن تفعل؟
تتمَنطق؟ إياك، فستتزندق!
هذا ليس كلامي بل كلامهم، كلام أصحاب القدسية، أصحاب المكانة الرفيعة، أصحاب العلم المخصوص، فكيف لك أن تستطيع أن تتفوه بكلمة وهم يملكون مفاتيح النجاة؟
لابد أن تُقدسهم، فهم من يملكون الحقيقة المطلقة. وأنت؟ أنت مجرد رقم، ولكن إن استخدمت عقلك ستصبح عدوًا لدودًا لهم.
اكتفي بكونك رقم يمضي وينتهي.
لا تتساءل، لا تفكر، ولا تعترض، فتنطرد.
قالوا لنا اتبع ما نقوله، فنحن ننقل، ونحن نقوم بالتأويل، ونحن نملك الفهم والمعرفة، نحن نملك مفاتيح العقول فنُغلقها بكلمات نلبسها ثوب القدسية لكي لا تستطيع الاعتراض أو النقاش.
وإن لم يعجبك ذلك، فلدينا جيوش من الخدم الذين كرسوا حياتهم دفاعًا عنا، لا دفاعًا عن المعتقد، فهم ينظرون لنا وكأننا المعتقد. فهم من سيزندقونك ويُحاربونك، ونحن نحركهم كالدُمى بمشيختنا المقدسة.
نُراقب بصمت بضحكات لا تراها ولا تسمعها، فنحن نملك التحكم الكلي بهم.
عقولهم؟ مُغلقة، وقد ملأها الصدى، فهم لا يسمعون إلا صوتنا، فبنا يسمعون، وبنا يتحدثون، وبنا يتحركون.
بِلالنا؟ هم لا شيء، غارقون في بحر الجهل، وأصواتنا هي حبال النجاة التي يتشبثون بها. فهل تعتقد يمكنك التغلب علينا؟ نحن أصحاب القدسية المطلقة.
تمردك لن يتخطى طول لسانك.
كيف لك أن تتجرأ؟ كيف لك أن تفكّر؟ كيف لك أن لا تقتنع بما نقول؟ أزنديقٌ أنت؟
تفكيرك سيُوصلك للهلاك، اسمع وأطع، كُن مُطيع لنا! فنحن باب نجاتك الوحيد!
وكيف ذلك؟
نحن من نفهم ما تعنيه الغيبيات التي تفوق قدرتك العقلية، فأنت مجرد تابع غبي جاهل، تتبع ما نقوله. فلقد توارثنا المعرفة فكيف يمكنك أن تناقشنا فيما اتفقنا عليه جميعًا، فنحن الأفهَم والأعلَم.
لابد أن تقتنع أن عدم إيمانك بصدقنا هو هلاكك المحتوم. فما مدى معرفتك وعلمك؟
أرأيت؟ لا تملك المعرفة، تفكيرك محدود، فماسبيل استخدام العقل وأنت جاهل؟
هذا سيهلكك!
أفهمت الآن؟ لا تتمَنطق فتتزندق!
هكذا نُسيطر عليك ونجعلك تتبعنا كالأعمى.
نحن نعيش بينكم، ترانا في كل مكان، نأكل ونشرب ونقضي حاجتنا مثلكم.
لسنا أنبياء ولا رُسل، ولكننا أعلى مرتبة منكم، لماذا؟
لأننا نملك المعرفة والعلم الخاص!
وما هذا العلم؟
ألم نقل لك؟ لا تسأل، اسمع وأطع.
قضينا جُلّ حياتنا نتعلّم، وتأتي أنت الآن أيها الجاهل من العامة تتناقش معنا بفكرة “المنطق والعقل”!!
ويحك، فلقد هلكت.
فحن ورثته على هذه الأرض، اتبعنا لتنجو، وأعرض عنا لتهلك.
نحن أصحاب النفوذ الديني والمشيخة المُقدسة، فلا سلطة فوق سلطتنا. فكلماتنا مسموعة وإن كانت تميل للضلال.
فلا نريكم إلا ما نرى!
تعليقات
إرسال تعليق