حرر عقلك

 الجميع ينتظر منك أن تُلغي عقلك وتتماشى مع الموروث الذي يعيد إنتاج نفسه، أو بالأحرى صورًا أكثر رداءة عن نفسه. استخدم هذا العقل 🧠 ولا تسلمه لموروث اجتماعي أو أشخاص ذوي نفوذ اجتماعي أو سياسي أو ديني. من حقك ككائن بشري أن تعيد استخدام عقلك وتمحو كل ما تعلمته وتلقنته منذ الصغر، وتتساءل عن كل شيء وكأنك لا تنتمي له بتاتًا، بلا عواطف وبلا خوف.


توقّف دقيقة من فضلك، اخرج خارج إطار نفسك وحياتك. قم بالتبرؤ من كل شيء حولك وعنك وفيك، فقط لدقائق. قم بمسح كل ما تعلمته وتلقنته، قم بإلغاء عواطفك وحبك وانتمائك تمامًا لكل ذلك. دقائق فقط… هل قمت بذلك؟


حسنًا… الآن انظر لكل ذلك بعين الغريب، نظرة بلا غشاوة. هل أنت مقتنع بكل ذلك؟ هل تقوم به لأنه هو الصواب؟ أم لأنك اعتدت عليه منذ الصغر حتى أصبح جزءًا منك؟ حكّم عقلك، وفكّر، وأعد النظر، وتساءل… ماذا ترى؟


هل ترى الأمور بشكل مختلف؟ إن لم تستطع، فهذا يعني أنك لم تُلغِ عواطفك بعد. قم بإلغائها تمامًا. ثم فكّر من جديد. كرّر هذا التمرين كل يوم لدقائق، وسترى نفسك تصل لأبعاد جديدة.


الطريق للحكمة يبدأ بالتساؤل. من يسجن عقله بين “قيل” و”قال” لن يرى الحكمة. العقل يحتاج للتحرر من الاستعباد البشري والمجتمعي لكي يصل للحكمة. والحكمة تحتاج من يعيد برمجة عقله من الصفر ومن جديد. لا ما تعلمه من أسرته، ولا من مدرسته، ولا من مجتمعه، ولا من الذين هم في السلطة، فأغلب ما يتعلمه منهم مجرد تُرهات وضّعوها لكي يُلغوا عقلك، ويستمر خوفك من حكمهم عليك، فيلغي الإنسان عقله، ويصبح عبدًا لهم، ولأفكارهم، وآرائهم.


هذا العقل الذي وهبه الله لك لتفكر، وتتخذ به قرارات حياتك، وضعته في يد الآخرين، وأصبحت عبدًا لاعتقاداتهم وأحكامهم.


تعلّم أن تعيد برمجة عقلك من الصفر، وفي كل شيء. ثم ابدأ التعلّم من جديد، بعقل لا يميل للعاطفة ولا للخضوع، بل بعقل يميل للحكمة والتفكر والفطرة السليمة التي ستقودك في طريقك. لا تنتمي لأفكار فقط لأنها تمثل محيطك. فمحيطك… غبي. نعم، غبي. لذلك أكثر من حولك كالببغاوات، بلا تفكير، بلا تحليل.


تبنّ الحكمة. ألغِ ما تلقنته. عد إلى فطرتك. تذكّر عندما كنت صغيرًا كيف كنت تتساءل، وكيف الآن لا تستطيع؟ لأنك ألغيت عقلك، وبدأت تتبع ما يتبعه محيطك. تحدَّ الجميع، واكسر هذه العُقدة البائسة. اكسرها ولا تخف… فالله لم يخلقك بلا عقل.




هذا إطار صورة، صحيح؟ هل هو مائل؟ بالتأكيد. ولكن، هل تعلم أنه طالما كنت داخل الإطار فلن تراه مائلًا؟ لأنك جزءٌ منه. ولن ترى أبعاده كما هي. هكذا هي حياتك… ما دمت متمسكًا بكل شيء كما هو، فلن ترى عيوبك.


يجب أن تخرج خارج الإطار، وترى كل شيء من الخارج. هناك فقط سترى الحقيقة… بلا عواطف، بلا مشاعر.


لذلك تمسكك بكل شيء تعلمته وتلقنته هو تمسك بإطار مائل… وستعيش وأنت تعتقد أنه صحيح. بل وستدافع عنه بكل ثمن لكي تثبت أنه صحيح. فكّر من جديد.


القدرة التي يملكها هذا العقل لتغيير حياتك لا يمكن وصفها. ورغم ذلك الجميع يدّعي أنه يستطيع استخدامه، ولكن الكثير لم يتمكن منه وإن كان عالم فضاء.


فالعلم والدراسة لا تعني شيئًا في ما أتحدث عنه. فلا دراسة ولا ثقافة ولا تحضُّر يمكنه تغيير قدرتك على تحرير عقلك واستخدامه بشكل كلي. استخدام العقل مهارة صعبة للغاية، وأنا أؤكد لك أن الكثير ممن سيقرأ ما كُتب سيعود لما هو عليه، بلا أي مجهود للبحث عن إجابة لما يحدث في حياته.


هكذا هم البشر :)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نُقدّس الموروث؟

العين لا ترى مالا يدركه العقل

عقلك مُقَيَّد! أتعلم ذلك؟