التغيير والتبرير
سمعت قبل قليل مقولة رائعة تقول: “أكبر عائق للتغيير هو التبرير”، وألهمتني أن أكتب هذه السطور.
التغيير هو جزء أساسي من التطور الشخصي والمهني، وغالباً ما يكون ضرورياً لتحقيق النمو وتحقيق الأهداف. لكن في كثير من الأحيان، نجد أنفسنا غير قادرين على القيام بالتغيير بسبب أعذار نقدمها لأنفسنا، وهي ما يُسمى بالتبرير.
التبرير هو وسيلة نفسية تجعلنا نشعر بالراحة تجاه عدم اتخاذ الخطوات اللازمة للتغيير. نقنع أنفسنا بأن الظروف غير مناسبة أو أن الوقت ليس مناسباً، أو ربما أن التحديات أكبر من قدرتنا على التغلب عليها. هذا التبرير يصبح العائق الأكبر أمام التقدم، لأنه يعزز الخوف من المجهول ويبقي الفرد في دائرة الراحة.
فعندما يقدم لك شخص ما معلومة أو ملاحظة عنك، فإن التبرير ليس سوى درع خفي نُخفي به ضعفنا أو خوفنا من مواجهة الحقيقة. التبرير يُغلق باب الفرص للتعلم والنمو، لأننا نختار الدفاع عن ذاتنا بدلاً من الانفتاح على النقد البنّاء. في كل مرة نبرر، نخسر فرصة ذهبية لرؤية أنفسنا من منظور مختلف، فرصة للتحسن والتطور.
التوقف عن التبرير هو قبول للضعف الإنساني، وهو اعتراف بأننا لسنا مثاليين، وأن هناك دائماً مجالاً للتحسن. عندما نتوقف عن التبرير، نفتح المجال للتأمل العميق والشفاء من الداخل. هذا الشفاء لا يأتي من تجاهل الأخطاء، بل من قبولها والعمل على تصحيحها.
النجاح والنمو يتطلبان شجاعة تُمكننا من مواجهة الحقائق بجرأة وبدون أن نختبئ خلف ستار التبريرات. التبرير ليس إلا وسيلة نخدع بها أنفسنا، نهرب بها من مواجهة ضعفنا أو قبول قصورنا. ولكن عندما نتوقف عن التبرير ونتحمل المسؤولية الكاملة عن تصرفاتنا وقراراتنا، نفتح الباب أمام إمكانيات غير محدودة. التوقف عن التبرير هو فعل قوة، وليس ضعف، فهو يُحررنا من قيود الراحة الزائفة ويدفعنا نحو مواجهة العالم بتصميم وعزيمة.
في النهاية، التبرير هو الحاجز الذي نبنيه بأنفسنا بيننا وبين إمكاناتنا الكاملة. إذا كنا حقاً نرغب في تحقيق التغيير، فعلينا أن نتخلى عن الدفاع عن عيوبنا ونقبل بأن التحديات ليست عذراً للجمود، بل هي دعوة للنمو. الشجاعة تكمن في الاعتراف بنقاط ضعفنا والسعي لتحويلها إلى قوة. فالتغيير الحقيقي يبدأ من الداخل حين نترك التبريرات ونواجه أنفسنا بصدق عميق وشجاعة لا تلين.
تعليقات
إرسال تعليق