مصيدة العلاقات السامة

 كما أقول دائماً: “العين لا ترى ما لا يدركه العقل.”


فإذا كنت تفتقر للوعي الكافي، فلن تستطيع تمييز السوء حتى عندما يكون واضحاً أمامك.

ستغريك كلمات الإعجاب، وستبهر عقلك لمسات الاهتمام، وستغفل عن التناقضات التي تظهر تدريجياً.

هذا الجوع العاطفي، الذي يدفعك للبحث عن أي شعور بالحب أو القبول، هو ما يجعلك تنجذب بعلاقات غير صحيحة، وكأنها قشة النجاة في بحر فراغك الداخلي.



الإنسان الممتلئ بذاته، الواثق بقيمته، لا يمكن أن يقع في هذا الفخ. فهو يرى العلاقة بعين الإدراك، يقرأ تصرفات الآخر ويلاحظ علامات التحذير قبل أن يغرق. أما النقيض، الجائع عاطفياً يتنازل عن كرامته، يغض الطرف عن الخطوط الحمراء، ويقنع نفسه بأن ما يحصل عليه كافٍ، لأنه في أعماقه يخشى أن يبقى وحيداً أو أن يُحرم من الحب.


العلاقات السامة ليست سوى انعكاس لنقص داخلي فينا. إذا كنت ممتلئاً بذاتك، ستتعلم أن الحب الحقيقي لا يأتي من الخارج، بل ينبع من داخلك أولاً. ستدرك أن الإمتلاء العاطفي يجعلك إنساناً أقوى، قادراً على التمييز بين من يستحق الدخول إلى حياتك ومن لا يستحق حتى وقتك.


الخطوة الأولى للخروج من هذه الدوامة هي الوعي.

اسأل نفسك: لماذا أقبل بأقل مما أستحق؟ لماذا أتجاهل علامات التحذير؟ ولماذا أبرر أفعال الآخرين بدل من مواجهة الحقيقة؟ الإجابات قد تكون صعبة، لكنها الطريق نحو التحرر.

لا تكن ضحية للفراغ الداخلي، بل اعمل على ملء هذا الفراغ بالثقة والوعي. امتلئ بذاتك أولاً، لتصبح عصياً على العلاقات السامة، وقادراً على بناء علاقات صحية مبنية على التفاهم والاحترام.


تذكر: الجوع العاطفي ليس سبباً للتخلي عن نفسك، بل هو جرس إنذار يدعوك للنظر في داخلك والعمل على ما ينقصك.


في النهاية قد لا تكون أنت ضحية شخص متلاعب، ولكن قد تكون أنت ضحية عطشك العاطفي الذي أعماك وجعلك تشرب أي ماء أمامك بدون أن تسأل عن طهارته. ثم بعد ذلك تتباكى عن ما سببه لك وترمي اللوم عليه.


قد يكون كلامي قاسي ولكن أريدك أن تصحوا من غفلتك، افصل عاطفتك قبل أن ترد على ماكتبته هنا، وانظر لحالك من خارج إطار ماحدث لك، هل أنت فعلاً تملك الوعي؟ هل فعلاً أشبعت نفسك عاطفياً ثم نظرت لمن يريد إشباعك من الخارج؟ أم أنك أغلقت عين قلبك وروحك وسلمت نفسك لمن هو دون ما تستحق؟


فكر فيها، فأحياناً نحتاج عين الوعي التي تزيل الغشاوة عن بصيرتنا قبل أن نقع فيما نسميه “علاقات سامة”.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نُقدّس الموروث؟

العين لا ترى مالا يدركه العقل

عقلك مُقَيَّد! أتعلم ذلك؟