حماقة البشر

 لا يوجد أي حاجة لدراسات وأبحاث علمية لكي أثبت لك أن الأشجار لونها أخضر، ولكن بالرغم من ذلك، سيأتي من يشكك في هذه الحقيقة، وبعد ذلك سيأتي من يدعم من يشكك في هذه الحقيقة.


وستظل الدائرة تدور من شخص إلى آخر حتى يتبنى هذا الفكر المئات بل الآلاف، وسيدافعون عن هذا الأمر بجهل وحماقة وكبرياء.


ولكن لا أحد منهم سيرى الحقيقة لأن الحقيقة دُفنت في عقولهم وتجاهلتها أذهانهم، وإن رأوها بأعينهم.


فالعين لا ترى ما لا يُدركه العقل.


إن أسوأ معركة يخوضها البعض هي إنكار الواضح، فيجهدون أنفسهم في تحويل ما تراه العين إلى لغز وإشكال، لا لشيء، إلا ليروا في الاختلاف دليلاً على النبوغ أو التفرّد.


وهكذا تتعاظم فوضى الآراء، فينتشر وهم التشكيك ويُستساغ لتبرير العناد والكبر، بينما الحقيقة قائمة لا تبرح مكانها.


فحين تُدفن بديهيات الواقع تحت ركام العناد، لا يعود المرء يميز بين الضوء والظلام، إذ يصبح أكبر حاجز أمام الرؤية الصادقة هو تمسك العقل بمعتقدات جوفاء.


وما لم يتحلّ الإنسان بالصدق الفكري والشجاعة في مواجهة أفكاره، سيظل حبيسًا في دوّرة التشكيك والسقوط في شرك اللامعقول.


إن الحقيقة لا تحتاج لجيوش من الأدلة كي تسطع، بل يكفيها عقل متحرر من براثن الأوهام، لتمسح عنه غبار التعصب ويستعيد بصيرته التي من دونها لا يرى سوى سراب.


في النهاية تذكر صديقي أن من يتجاهل الحقائق الساطعة يظل حائرًا في ظلمات الوهم. لا تسمح لصوت التشكيك أن يُطفئ ضوء عقلك، فإن فقد هذا النور ستفقد معه بوصلتك في الكون، ويصبح الواضح كالسراب.


امضِ في طريق الشك إن شئت، ولكن لا تتوهم أن الشمس ستغيب لإرضاء عيون غلفها العناد. فالحقيقة تحترق لتُضيء، ولن تُطفئها ظلمات الوهم مهما استعرَت. هنا فقط سيكتشف كل غافل بعد فوات الأوان أن ما دفنه عقله لم يكن إلا جوهر نجاته.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نُقدّس الموروث؟

العين لا ترى مالا يدركه العقل

عقلك مُقَيَّد! أتعلم ذلك؟